السلحفاة بفتح السين وضمها حيوان من الزواحف عديم الاسنان (أدرد) يعيش بأنواعه المتعددة التي تصل الى مائتين وخمسين نوعاً في جميع انحاء العالم.
وهي قسمان برية ومائية (بحرية ونهرية). واكثر ما توجد السلاحف في المناطق الحارة (الاستوائية والمدارية) والمعتدلة، وللسلاحف قوائم على هيئة زعانف تستخدمها في السباحة، وهي تظل خارج هيكله المتقرن حيث انها لا تنكمش بل تختفي داخله كما تفعل السلاحف البرية.
ويتكون الجزء العلوي من السطح المتقبي (ما كان له شكل القبة) من صفائح عظمية بعضها خماسي الشكل وبعضها رباعي وبعضها حول الاطراف دون ذلك. اما الجزء السفلي من السلحفاة فيتألف من ترس عظمي ملتحم بعظم الصدر ويصل بين السطح الداخلي للبيت العظمي وبين جسم السلحفاة غطاء متقرن. ويوجد خلف رأس السلحفاة وعنقها وفوق ارجلها الاربع، بيتها العظمي الذي يتسع بالفعل لإخفاء الاجزاء التي تتعرض للخطر من جسدها حيث لا يستطيع وهي على تلك الحال ان يدهمها او ينال منها أي حيوان مفترس.
ورأس السلحفاة اشبه ما يكون برأس الحية وفيه عينان لا جفن لهما، بل ينسدل عليهما غشاء جلدي.
ونظراً لطول رقبة السلحفاة فإنها تتمكن من تحريك رأسها مع العينين في كل اتجاه بحثاً عن الطعام ودرءاً للأخطار. ويمكن للسلاحف ان تشم وتتذوق، ولكنها ضعيفة السمع الى درجة تجعل البعض يعتقد انها صماء.
وتتغذى السلاحف البحرية على الاسماك والقواقع والحشرات المائية وبعضها يقترب من سطح ماء البحر ليمسك بطير سابح فوق ذلك السطح فينقض عليه من الاسفل، ممسكاً به من احدى رجليه حيث يغوص عندها مع فريسته في الماء ليأكلها. ولا تمتلك السلاحف اسناناً في فكيها، ولذا فهي تكسر الطعام أو تمزقه بفكيها القويين ثم تبتلعه ابتلاعاً. اما السلاحف البرية فتقتات بالنباتات والثمار كما انها لا تمتلك اسناناً في فمها ولذا فهي تعتمد على قضم طعامها بفكيها القويين حيث تزدرده بعد ذلك ازدراداً.
وتنام السلاحف شتاء وعندما يحل موعد نومها الفصلي، تحفر لنفسها حفرة في باطن الوحل الموجود في قاع بحيرة أو نهر أو سبخة وبشكل تغطي فيه كامل جسمها.. وتظل السلحفاة هكذا حتى يأتي الفصل الدافىء حيث تخرج من مكانها لتبدأ حياتها من جديد. وتضع سلاحف النهر والبحر والبر بيوضها فوق اليابسة في حفر تغطيها بالتراب ويتراوح عددها من (5 6 بيضات) وقد تزيد في بعض الاحيان لتصل الى 150 بيضة عند السلاحف البحرية ولا تقوم الأنثي او الذكر بحضانة البيض وانما يترك هذا الامر لحرارة التربة التي تعمل على فقسه واندفاعه من قلب التربة على شكل سلاحف صغيرة كاملة التركيب. ويحدث ذلك بعد مدة تتراوح بين (80 106 ايام) بعد وضع البيض في التراب.
وتعتاد بعض الشعوب على أكل بيض السلاحف كما تسطو بعض الحيوانات عليه ولا سيما الافاعي وبعض الطيور. وتتناول هذه الشعوب ايضاً بعض الاجزاء الطرية من لحوم السلاحف وغالباً ما يُصنع من ذلك اللحم، حساء مشهور في اوروبا يدعى (حساء السلاحف) ويسمى باللغة الانجليزية (تورتل سوب).
عمر طويل
وتعمر السلاحف 150 عاماً تقريباً وربما تزيد هذه المدة لتصل الى 200 عام، فقد وجد في حديقة الحيوان بلندن سلحفاة عمرها 200 عام. وأمكن التأكد من عمرها من خلال الارشيف حيث تشير الكتابات المؤرخة التابعة للحديقة ان هذه السلحفاة خرجت الى الحياة بعدما انفقست بيضتها عام 1699م ثم عاشت الى ان نفقت في العام 1899م.
وفي العام 1960 تبين للباحثين ان ثمة سلاحف تعمر اكثر من سلحفاة حديقة الحيوان بلندن، فقد تبين ان السلحفاة التي نفقت في حديقة الحيوان بالقاهرة قد عمرت 250 عاماً.
وتختلف احجام السلاحف واوزانها بحسب الاجناس، وأصغر سلحفاة مائية طولها 9 سم وأكبر الانواع، سلحفاة المزهر البحرية ويبلغ طولها 2،3 متر، وأثقلها التقطت عام 1961 بمحاذاة سواحل كاليفورنيا وقد بلغ وزنها 845 كيلوجراماً، واكبر سلحفاة برية عملاقة وزنها 200 كيلوجرام وجدت في جزر غالا باغوس.
ومن اسماء السلاحف: السلحفاة والسلحفاء، والسلحفية، وأم طبق وبنت طبق. وتجمع السلحفاة، سلاحف، اما ولد السلحفاة فيسمى الفرخ، والنقف والهرهير، في حين يسمى صوت السلحفاة الكعيص. ويضرب المثل في السلاحف في البلادة فيقال “ابلد من السلحفاة”.
وفي الشعر العربي جاء ذكر السلحفاة على لسان أبي بكر الخوارزمي حيث قال:
“بنتُ ماءٍ بَدَتْ لنا من بعيد
مثلما قد طوى النُجاريُ سُفْرَه
رأسها رأس حيّةٍ وقراها
ظهْرُ تُرْسٍ وجِلْدُها جِلْدُ صَخْرَة
مِثلُ فِهْرِ العطّار دُق بهِ العطرُ
فَحلّتْ طرائِقُ الطيب ظَهْرَه
السلاحف والمجال المغناطيسي
من الأمور الغريبة التي اكتشفها العلماء ان السلاحف البحرية تستطيع الإبحار حول العالم مستخدمة في ذلك نظامها الملاحي المشابه للنظام العالمي لتحديد المواقع والمعروف اختصاراً باسم “جي.بي.إس”.
وتملك السلاحف القدرة على الإبحار في المحيطات المفتوحة لآلاف الأميال معتمدة في ذلك على المجالات المغناطيسية للأرض. ولا شك ان اعتماد السلاحف على نظام تحديد المواقع لا يعتمد على الأقمار الاصطناعية بل يعتمد بالطبع على المغناطيسية الأرضية.
ولوحظ منذ فترة ان أعداد السلاحف البحرية آخذ في الانخفاض ومن الأنواع السبعة للسلاحف البحرية، هناك ثلاثة أنواع مصنفة ككائنات شديدة التعرض للإنقراض. وجاء في تقرير تابع للاتحاد الدولي لحماية الأنواع الحيوانية والنباتية المعرضة للانقراض، ان ثمة مجموعة واسعة من الأنشطة البشرية التي تعرض هذه الكائنات المسالمة لأخطار حقيقية ويتمثل أحد أهم الأسباب الرئيسية لنفوق السلاحف البحرية في عمليات صيد الأسماك، حيث يتم اصطياد السلاحف دون قصد من جانب صيادي الأسماك الذين يستهدفون صيد أنواع أخرى بشباكهم أو سناراتهم وهي ظاهرة يطلق عليها “الصيد العرضي”.
ويقول جورج سيرك رئيس ادارة الموارد البحرية للمنظمة المذكورة سابقاً ان مصادر التهديد لا ترتبط كلها بمصايد الأسماك، بل ان تطوير السواحل يؤدي الى تدمير الموائل الهشة التي تعشش فيها السلاحف.
وفي مناطق أخرى يسودها الفقر والجوع، يقوم السكان بجمع البيض وأكله كما يقومون بقتل السلاحف لاستهلاكها كطعام. ومن جانبها تصاب السلاحف بأمراض تؤدي الى نفوقها نظرا لتناولها بعض النفايات وخصوصا الأكياس البلاستيكية الملقاة التي تشبه قناديل البحر. وقد أوصت المنظمة الدولية بضرورة ايجاد طرق اخرى لصيد الأسماك كاستخدام السنانير الدائرية ذوات الخيوط الطويلة بالإضافة الى استخدام شباك صيد كبيرة مخروطية الشكل.
غرائب فقس البيض
عندما تفقس انثى السلحفاة بيضها فإنها تستغرق قرابة 45 دقيقة وذلك اعتماداً على درجة حرارة الرمال التي تؤوي اليها حيث تبقى في الرمال وتبيض قبيل منتصف الليل. وعندما تخرج السلحفاة من الجحر الذي تضع فيه البيض، فإنها تمشي مشية متعرجة لتشويش وتضليل اللصوص حول مكان البيض. ومما يزعج السلاحف أثناء فقسها للبيض، كثرة الضوضاء والأنوار الساطعة.
وتقتات السلحفاة بالنباتات الطرية والحيوانات الصغيرة وهي تستطيع ان تبقى لفترات طويلة من غير طعام كما تفيد الانسان بلحمها وبيضها أما عمرها فيختلف بحسب الأجناس. ويروى انه في سنة 1766م التقط المستكشف الفرنسي ماريون دوفرين سلحفاة عملاقة في جزر سيشيل أمضت طوال القرن التاسع عشر في حديقة حيوانية ولم تنفق إلا سنة 1918 أي بعد التقاطها ب 152 سنة.
وتخرج السلحفاة البحرية الملح الذي تمتصه من مياه البحر من عينيها ولذا نراها وكأنها تبكي. ويقول العلماء ان عمر السلاحف يعود الى العصر الترياسي اي الى ما قبل 200 مليون عام. ومن الحقائق الغريبة عن هذا الحيوان، ان السلاحف الخضراء تستطيع البقاء تحت الماء لما يزيد على خمس ساعات من دون الصعود للتنفس، أما اذا أحست السلحفاة الخضراء بالخطر فإنها تستطيع السباحة بسرعة 20 ميلاً في الساعة للهرب من العدو. ومن غرائب السلاحف كذلك على اختلاف أنواعها أنها تمارس نوعاً من الصيام حيث تمتنع عن تناول الطعام والشراب لعدة أشهر كل عام.